[أبو رائد]

عــودة النــوارس
***

و يمضي الشتاءُ بأنوائِهِ
يسيرُ بطيئاً بليلٍ طويل
ومهما تباطأَ في سيرهِ
لا بُدَّ يأتي مخاضُ الربيع
ومن رحْمِ ذاكَ المخاضِ العسير
تطلُّ النوارس
حُشــود فوارس
لتملأ أفق بلادي العليل
لتمسحَ عنه شُحوبَ المساء
وتنثرَ فوق الرّوابي ضياء
بلونِ النّوارس
و فوقَ الموارس
تحومُ و تقنِصُ كلَّ الجراد
وجرذان َ حقلٍ تعيثُ فساد
وبِضْعَ أفاعي ..تُريعُ العِباد
***
غداً
سيفرحُ فلاّحُ هذي البلاد
ويعزفُ لحناُ بنايٍ القَصَب
ويحلُمُ ليلاً بِلونِ الذَّهب
فبعدَ الجفافِ وقحْطِ الجراد
ستنمو براعم نبتٍ جديد
ويأتي حصاد
سيقتاتُ منهُ جميعُ العِباد
ولنْ يحملوه لبيتِ العزيز
لأنَّ النّوارس
أتتْ كالفوارس
أطاحت بكلِّ قلاعِ الفساد
***
غداً تشرقُ الشمسُ من خِدْرِها
تسوقُ الصَّبيّةُ أغنامها
تسابقُ في الدّربِ أحلامها
تُغني أهازيجَ حُبٍّ دفين

غداً
من بعدِ صمْتِ عُقودِ السّنين
تغني بهيةُ للعاشقين
مواويل حُبٍّ كَـدُرٍّ ثمين
فتلك النوارس
أتتْ كالفوارس
أزاحت جميعَ فلولِ الظلام
وعَـمَّ الضيـاء
ربوعَ البلاد
فبعد النُّــواح.......وطــولِ العَــويل
وآهـــاتِ ليْلٍ .... و آهٍ يـــا (نيـــل)
ستشرقُ شمسُ الصباحٍ الجميل
وفوق الروابي ..وخُضْـرِ المُـروج
سترعى الخِرافُ
وتلْهو الجِياد
***
ويأتي المسـاء
وشمسُ الأصيلِ بلونِ الدِّمــاء
ومِــرآةُ بحــرٍ بِلونِ الشَّـفَـق
تطيرُ النوارسُ نحوَ الأفُـق
لتُلقي سلامَ الوداعِ الأخـير
على نورسٍ منْ قديمِ العُصـور
يُـربّـي الفِــراخ
يـذودُ الضَّـواري..ويمحو الجِراح
يعـلِّمها القَـنْـصَ والعُنفُـوان
لِتَـغدو نوارِسَ هـذا الزَمـان
يعيشُ وحيـداً مَهيضَ الجناح
ولا غيرَ ريشٍ وبعضِ قُشـور
بقايا فِـراخٍ غَـدَتْ منْ شـهور
و بعْـضِ تُــراب
وفي كِبريــاءٍ ..يُناجي السحاب
ويدعو الرياح
كل الرياح
لتأتي العواصفُ عندَ الغـروب
تُعـيـدُ الغريبَ الى بيتِهِ
ليلقى الأحبَّةَ بعد الفراق
بكلِّ اشتياق
فقد حانَ حقّـاً أوانُ الحصـاد
سلامٌ من الله
على نورسٍ طارَ عند الغروب
بُـعَـيْدَ الحصاد
***


شـــعر :- ابـو رائــد